کد مطلب:90594 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:140
یَا كُمَیْلُ بْنُ زِیَادٍ، إِنَّ هذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِیَةٌ، فَخَیْرُهَا أَوْعَاهَا. فَاحْفَظْ عَنّی مَا أَقُولُ لَكَ: اَلنَّاسُ ثَلاَثَةٌ: [صفحه 579] فَعَالِمٌ رَبّانِیٌّ. وَ مُتَعَلِّمٌ عَلی سَبیلِ النَّجَاةِ. وَ هَمَجٌ رَعَاعٌ، أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ[1]، یَمیلُونَ مَعَ كُلِّ ریحٍ. لَمْ یَسْتَضیئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ فَیَهْتَدُوا[2]، وَ لَمْ یَلْجَؤُوا إِلی رُكْنٍ وَثیقٍ فَیَنْجُوا[3]. یَا كُمَیْلُ بْنُ زِیَادٍ، الْعِلْمُ خَیْرٌ مِنَ الْمَالِ، الْعِلْمُ یَحْرُسُكَ، وَ أَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ، وَ الْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ، وَ الْعِلْمُ یَزْكُوا عَلَی الاِنْفَاقِ، وَ صَنیعُ[4] الْمَالِ یَزُولُ بِزَوَالِهِ. یَا كُمَیْلُ بْنُ زِیَادٍ، مَعْرِفَةُ الْعِلْمِ[5] دینٌ یُدَانُ اللَّهُ بِهِ، بِهِ یَكْسِبُ الإِنْسَانُ[6] الطَّاعَةَ لِرَبِّهِ[7] فی حَیَاتِهِ، وَ جَمیلَ الأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. وَ الْعِلْمُ حَاكِمٌ، وَ الْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَیْهِ. یَا كُمَیْلُ بْنُ زِیَادٍ، هَلَكَ خُزَّانُ الأَمْوَالِ وَ هُمْ أَحْیَاءٌ، وَ الْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِیَ الدَّهْرُ[8]، أَعْیَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَ أَمْثَالُهُمْ فِی الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ. ثم قال علیه السلام: هَاهٍ هَاهٍ[9] إِنَّ هَاهُنَا [ و أشار إلی صدره بیده ] لَعِلْماً جَمّاً عَلَّمَنیهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ[10]، لَوْ أَصَبْتُ[11] لَهُ حَمَلَةً یَرْعَوْنَهُ حَقَّ رِعَایَتِهِ، وَ یَرْوُونَهُ كَمَا یَسْمَعُونَهُ. [صفحه 580] اَللَّهُمَّ[12] بَلی لَقَدْ أَصَبْتُ لَقِناً غَیْرَ مَأْمُونٍ عَلَیْهِ، مُسْتَعْمِلاً آلَةَ الدّینِ لِلدُّنْیَا، وَ مُسْتَظْهِراً بِنِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ[13] عَلی عِبَادِهِ، وَ بِحُجَجِهِ عَلی أَوْلِیَائِهِ[14]، لِیَتَّخِذَهُ الضُّعَفَاءُ وَلیجَةً دُونَ وَلِیِّ الْحَقِّ[15]. أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ[16] الْحَقِّ لاَ بَصیرَةَ لَهُ فی أَحْنَائِهِ، یَنْقَدِحُ الشَّكُّ فی قَلْبِهِ لأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ. أَلا مَهْ. لاَ ذَا وَ لاَ ذَاكَ. أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّةِ، سَلِسَ الْقِیَادِ لِلشَّهْوَةِ. أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَ الاِدِّخَارِ. لَیْسَا مِنْ رُعَاةِ الدّینِ فی شَیْ ءٍ، أَقْرَبُ شَیْ ءٍ شَبَهاً بِهِمَا الأَنْعَامُ السَّائِمَةُ. كَذلِكَ یَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلیهِ[17]. اَللَّهُمَّ بَلی. لاَ تَخْلُو الأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ للَّهِ بِحُجَجِهِ[18]، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، وَ إِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَ بَیِّنَاتُهُ. وَ كَمْ ذَا، وَ أَیْنَ أُولئِكَ؟. أُولئِكَ، وَ اللَّهِ، الأَقَلُّونَ عَدَداً، وَ الأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ[19] قَدْراً، بِهِمْ یَحْفَظُ اللَّهُ حُجَجَهُ وَ بَیِّنَاتِهِ، حَتَّی یُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ، وَ یَزْرَعُوهَا فی قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ. هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلی حَقیقَةِ الْبَصیرَةِ[20]، وَ بَاشَرُوا رَوْحَ الْیَقینِ، وَ اسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ[21] الْمُتْرَفُونَ، وَ أَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ، وَ صَحِبُوا الدُّنْیَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ [صفحه 581] الأَعْلی. [ قَدْ ] دَانُوا بِالتَّقِیَّةِ عَنْ دینِهِمْ، وَ الْخَوْفِ مِنْ عَدُوِّهِمْ. خُرْسٌ صُمْتٌ فی دَوْلَةِ الْبَاطِلِ، یَنْتَظِرُونَ دَوْلَةَ الْحَقِّ. وَ سَیُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَ یَمْحَقُ الْكَافِرینَ. یَا كُمَیْلُ[22]، أُولئِكَ أُمَنَاءُ اللَّهِ فی خَلْقِهِ، وَ[23] خُلَفَاؤُهُ[24] فی أَرْضِهِ، وَ سُرُجُهُ فی بِلاَدِهِ[25]، وَ الدُّعَاةُ إِلی دینِهِ. هَاهٍ هَاهٍ طُوبی لَهُمْ عَلی صَبْرِهِمْ عَلی دینِهِمْ فی حَالِ هُدْنَتِهِمْ. وَ[26] آهِ آهِ شَوْقاً[27] إِلی رُؤْیَتِهِمْ فی حَالِ ظُهُورِ دَوْلَتِهِمْ. وَ سَیَجْمَعُنَا اللَّهُ وَ إِیَّاهُمْ فی جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَ ذُرِّیَّاتِهِمْ. یَا كُمَیْلُ، سَمِّ كُلَّ یَوْمٍ بِاسْمِ اللَّهِ، وَ قُلْ: لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. وَ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ، وَ اذْكُرْنَا، وَ سَمِّ بِأَسْمَائِنَا، وَ صَلِّ عَلَیْنَا، وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَ بِنَا، وَ ادْرأْ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِكَ وَ مَا تَحُوطُهُ عِنَایَتُكَ، تُكْفَ شَرَّ ذَلِكَ الْیَوْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَدَّبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ هُوَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ أَدَّبَنی، وَ أَنَا أُؤَدِّبُ الْمُؤْمِنینَ، وَ أُوَرِّثُ الأَدَبَ الْمُكْرَمینَ. یَا كُمَیْلُ، مَا مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ وَ أَنَا اَفْتَحُهُ، وَ مَا مِنْ سِرٍّ إِلاَّ وَ الْقَائِمُ عَلَیْهِ السَّلاَمُ یَخْتِمُهُ. یَا كُمَیْلُ، ذُرِّیَّةٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمیعٌ عَلیمٌ[28]. یَا كُمَیْلُ، لاَ تَأْخُذْ إِلاَّ عَنَّا تَكُنْ مِنَّا. یَا كُمَیْلُ، مَا مِنْ حَرَكَةٍ إِلاَّ وَ أَنْتَ مُحْتَاجٌ فیهَا إِلی مَعْرِفَةٍ. [صفحه 582] یَا كُمَیْلُ، إِذَا أَكَلْتَ الطَّعَامَ فَسَمِّ بِاسْمِ اللَّهِ الَّذی لاَ یَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ دَاءٌ، وَ فیهِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ الأَدْوَاءِ. یَا كُمَیْلُ، إِذَا أَكَلْتَ الطَّعَامَ فَوَاكِلِ الطَّعَامَ وَ لاَ تَبْخَلْ عَلَیْهِ، فَإِنَّكَ لَنْ تَرْزُقَ النَّاسَ شَیْئاً، وَ اللَّهُ یُجْزِلُ لَكَ الثَوَابَ بِذَلِكَ. یَا كُمَیْلُ، إِذَا أَنْتَ أَكَلْتَ فَطَوِّلْ أَكْلَكَ لِیَسْتَوْفِیَ مَنْ مَعَكَ، وَ یُرْزَقَ مِنْهُ غَیْرُكَ. یَا كُمَیْلُ، إِذَا اسْتَوْفَیْتَ طَعَامَكَ فَاحْمَدِ اللَّهَ عَلی مَا رَزَقَكَ، وَ ارْفَعْ بِذَلِكَ صَوْتَكَ یَحْمَدْهُ سِوَاكَ، فَیَعْظُمَ بِذَلِكَ أَجْرُكَ. یَا كُمَیْلُ، لاَ تُوقِرَنَّ مِعْدَتَكَ طَعَاماً، وَدَعْ فیهَا لِلْمَاءِ مَوْضِعاً، وَ لِلرّیحِ مَجَالاً. یَا كُمَیْلُ، لاَ تُنْفِدْ طَعَامَكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَمْ یُنْفِدْهُ. یَا كُمَیْلُ، لاَ تَرْفَعَنَّ یَدَكَ عَنِ الطَّعَامِ إِلاَّ وَ أَنْتَ تَشْتَهیهِ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ تَسْتَمْرِئُهُ. یَا كُمَیْلُ، صِحَّةُ الْجِسْمِ مِنْ قِلَّةِ الطَّعَامِ وَ قِلَّةِ الْمَاءِ. یَا كُمَیْلُ، أَحْسِنْ خُلُقَكَ، وَ ابْسِطْ جَلیسَكَ، وَ لاَ تَنْهَرَنَّ خَادِمَكَ. یَا كُمَیْلُ، الْبَرَكَةُ فِی الْمَالِ مِنْ إیتَاءِ الزَّكَاةَ، وَ مُوَاسَاةِ الْمُؤْمِنینَ، وَ صِلَةِ الأَقْرَبینَ، وَ هُمُ الأَقْرَبُونَ لَنَا. یَا كُمَیْلُ، زِدْ قَرَابَتَكَ الْمُؤْمِنَ عَلی مَا تُعْطی سِوَاهُ مِنَ الْمُؤْمِنینَ، وَ كُنْ بِهِمْ أَرْأَفُ، وَ عَلَیْهِمْ أَعْطَفُ، وَ تَصَدَّقْ عَلَی الْمَسَاكینِ. یَا كُمَیْلُ، لاَ تَرُدَّنَّ سَائِلاً وَ لَوْ مِنْ شَطْرِ حَبَّةِ عِنَبٍ أَوْ شِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَنْمُو عِنْدَ اللَّهِ. یَا كُمَیْلُ، أَحْسَنُ حِلْیَةِ الْمُؤْمِنِ التَّوَاضُعُ، وَ جَمَالُهُ التَّعَفُّفُ، وَ شَرَفُهُ التَّفَقُّهُ[29]، وَ عِزُّهُ تَرْكُ الْقَالِ وَ الْقیلِ. یَا كُمَیْلُ، إِیَّاكَ وَ الْمِرَاءَ، فَإِنَّكَ تُغْری بِنَفْسِكَ السُّفَهَاءَ، وَ إِذَا فَعَلْتَ تُفْسِدُ الإِخَاءَ. یَا كُمَیْلُ، إِذَا جَادَلْتَ فِی اللَّهِ تَعَالی فَلاَ تُخَاطِبْ إِلاَّ مَنْ یُشْبِهُ الْعُقَلاَءَ، وَ هذَا ضَرُورَةٌ. یَا كُمَیْلُ، هُمْ عَلی كُلٍّ سُفَهَاءُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالی: أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَ لكِنْ لاَ یَعْلَمُونَ[30]. یَا كُمَیْلُ، فی كُلِّ صِنْفٍ قَوْمٌ أَرْفَعُ مِنْ قَوْمٍ، فَإِیَّاكَ وَ مُنَاظَرَةَ الْخَسیسِ مِنْهُمْ. [صفحه 583] فَإِنْ أَسْمَعُوكَ فَاحْتَمِلْ، وَ كُنْ مِنَ الَّذینَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالی بِقَوْلِهِ: وَ إِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً[31]. یَا كُمَیْلُ، قُلِ الْحَقَّ عَلی كُلِّ حَالٍ، وَ وَادِّ الْمُتَّقینَ، وَ اهْجُرِ الْفَاسِقینَ، وَ جَانِبِ الْمُنَافِقینَ، وَ لاَ تُصَاحِبِ الْخَائِنینَ. یَا كُمَیْلُ، إِیَّاكَ إِیَّاكَ وَ تَطَرُّقَ أَبْوَابِ الظَّالِمینَ وَ الاِخْتِلاَطَ بِهِمْ، وَ الاِكْتِسَابَ مَعَهُمْ، وَ إِیَّاكَ أَنْ تُطیعَهُمْ [ وَ ] تُعَظِّمَهُمْ، أَوْ أَنْ تَشْهَدَ فی مَجَالِسِهِمْ بِمَا یُسْخِطُ اللَّهَ عَلَیْكَ. وَ إِنِ اضْطُرِرْتَ إِلی حُضُورِهِمْ فَدَاوِمْ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالی وَ التَّوَكُّلَ عَلَیْهِ، وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِهِمْ، وَ أَطْرِقْ عَنْهُمْ، وَ أَنْكِرْ بِقَلْبِكَ فِعْلَهُمْ، وَ اجْهَرْ بِتَعْظیمِ اللَّهِ تَعَالی لِتُسْمِعَهُمْ، فَإِنَّهُمْ بِهَا یَهَابُونَكَ وَ تُكْفی شَرَّهُمْ. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ أَحَبَّ مَا امْتَثَلَهُ الْعِبَادُ إِلَی اللَّهِ تَعَالی بَعْدَ الاِقْرَارِ بِهِ وَ بِأَوْلِیَائِهِ، عَلَیْهِمُ السَّلاَمُ، التَّجَمُّلُ وَ التَّعَفُّفُ وَ الاِصْطِبَارُ. یَا كُمَیْلُ، لاَ تُرِیَنَّ النَّاسَ افْتِقَارَكَ، وَ اصْبِرْ عَلَیْهِ احْتِسَاباً بِعِزٍّ وَ تَسَتُّرٍ. یَا كُمَیْلُ، لاَ بَأْسَ بِأَنْ تُعْلِمَ أَخَاكَ سِرَّكَ. وَ مَنْ أَخُوكَ. أَخُوكَ الَّذی لاَ یَخْذُلُكَ عِنْدَ الشَّدیدَةِ، وَ لاَ یَقْعُدُ عَنْكَ عِنْدَ الْجَریرَةِ، وَ لاَ یَخْدَعُكَ حینَ تَسْأَلُهُ، وَ لاَ یَدَعُكَ حَتَّی تَسْأَلَهُ، وَ لاَ یَذَرُكَ وَ أَمْرَكَ حَتَّی تُعْلِمَهُ، فَإِنْ كَانَ مُمیلاً أَصْلَحَهُ. یَا كُمَیْلُ، الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، لأَنَّهُ یَتَأَمَّلُهُ فَیَسُدُّ فَاقَتَهُ، وَ یُجَمِّلُ حَالَتَهُ. یَا كُمَیْلُ، الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ، وَ لاَ شَیْ ءَ آثَرُ عِنْدَ كُلِّ أَخٍ مِنْ أَخیهِ. یَا كُمَیْلُ، إِنْ لَمْ تُحِبَّ أَخَاكَ فَلَسْتَ أَخَاهُ. یَا كُمَیْلُ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِنَا، فَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ قَصَّرَ عَنَّا، وَ مَنْ قَصَّرَ عَنَّا لَمْ یَلْحَقْ بِنَا، وَ مَنْ لَمْ یَكُنْ مَعَنَا فَ [ هُوَ ] فِی الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ. یَا كُمَیْلُ، كُلُّ مَصْدُورٍ یَنْفُثُ، فَمَنْ نَفَثَ إِلَیْكَ مِنَّا بِأَمْرٍ وَ أَمَرَكَ بِسَتْرِهِ فَاسْتُرْهُ، وَ إِیَّاكَ أَنْ تُبْدِیَهُ، فَلَیْسَ لَكَ مِنْ إِبْدَائِهِ تَوْبَةٌ، وَ إِذَا لَمْ یَكُنْ تَوْبَةٌ فَالْمَصیرُ إِلی لَظی. یَا كُمَیْلُ، إِذَاعَةُ سِرِّ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ لاَ یُقیلُ اللَّهُ تَعَالی مِنْهَا، وَ لاَ یَحْتَمِلُ أَحَداً عَلَیْهَا، وَ مَا قَالُوهُ لَكَ مُطْلَقاً فَلاَ تُعْلِمْهُ إِلاَّ مُؤْمِناً مُوافِقاً. [صفحه 584] یَا كُمَیْلُ، لاَ تُعْلِمُوا الْكَافِرینَ مِنْ أَخْبَارِنَا فَیَزیدُوا عَلَیْهَا فَیُبْدُوكُمْ بِهَا إِلی یَوْمِ یُعَاقِبُونَ عَلَیْهَا. یَا كُمَیْلُ، لاَ بُدَّ لِمَاضیكُمْ مِنْ أَوْبَةٍ، وَ لاَ بُدَّ لَنَا فیكُمْ مِنْ غَلَبَةٍ. یَا كُمَیْلُ، سَیَجْمَعُ اللَّهُ تَعَالی لَكُمْ خَیْرَ الْبَدْءِ وَ الْعَاقِبَةِ. یَا كُمَیْلُ، أَنْتُمْ مُمَتَّعُونَ بِأَعْدَائِكُمْ، تَطْرَبُونَ بِطَرَبِهِمْ، وَ تَشْرَبُونَ بِشُرْبِهِمْ، وَ تَأْكُلُونَ بِأَكْلِهِمْ، وَ تَدْخُلُونَ مَدَاخِلَهُمْ. وَ رُبَّمَا غَلَبْتُمْ عَلی نِعْمَتِهِمْ، إِی وَ اللَّهِ، عَلی إِكْرَاهٍ مِنْهُمْ لِذَلِكَ، وَ لكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَاصِرُكُمْ وَ خَاذِلُهُمْ. فَإِذَا كَانَ، وَ اللَّهِ، یَوْمُكُمْ، وَ ظَهَرَ صَاحِبُكُمْ، لَمْ یَأْكُلُوا، وَ اللَّهِ، مَعَكُمْ، وَ لَمْ یَرِدُوا مَوَارِدَكُمْ، وَ لَمْ یَقْرَعُوا أَبْوَابَكُمْ، وَ لَمْ یَنَالُوا نِعْمَتَكُمْ، أَذِلَّةً خَائِبینَ، مَلْعُونینَ أَیْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتیلاً[32]. یَا كُمَیْلُ، احْمَدِ اللَّهَ تَعَالی وَ الْمُؤْمِنینَ عَلی ذَلِكَ، وَ عَلی كُلِّ نِعْمَةٍ. یَا كُمَیْلُ، قُلْ عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ: لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظیمِ تُكْفَهَا، وَ قُلْ عِنْدَ كُلِّ نِعْمَةٍ: الْحَمْدُ للَّهِ تُزْدَدْ مِنْهَا. وَ إِذَا أَبْطَأَتِ الأَرْزَاقُ عَلَیْكَ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ یُوَسِّعْ عَلَیْكَ فیهَا. یَا كُمَیْلُ، إِذَا وَسْوَسَ الشَّیْطَانُ فی صَدْرِكَ فَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ الْقَوِیِّ مِنَ الشَّیْطَانِ الْغَوِیِّ، وَ أَعُوذُ بِمُحَمَّدٍ الرَّضِیِّ مِنْ شَرِّ مَا قُدِّرَ وَ قُضِیَ، وَ أَعُوذُ بِإِلهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعینَ، تُكْفَ مَؤُونَةَ إِبْلیسَ وَ الشَّیَاطینَ مَعَهُ، وَ لَوْ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَبَالِسَةٌ مِثْلُهُ. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ لَهُمْ خُدَعاً وَ شَقَاشِقَ وَ زَخَارِفَ وَ وَسَاوِسَ وَ خُیَلاَءَ عَلی كُلِّ أَحَدٍ قَدْرَ مَنْزِلَتِهِ فِی الطَّاعَةِ وَ الْمَعْصِیَةِ، فَبِحَسَبِ ذَلِكَ یَسْتَوْلُونَ عَلَیْهِ بِالْغَلَبَةِ. یَا كُمَیْلُ، لاَ عَدُوَّ أَعْدی مِنْهُمْ، وَ لاَ ضَارَّ أَضَرُّ بِكَ مِنْهُمْ، أُمْنِیَتُهُمْ أَنْ تَكُونَ مَعَهُمْ غَداً إِذَا جَثَوْا فِی الْعَذَابِ الأَلیمِ، لاَ یَفْتُرُ عَنْهُمْ بِشَرَرِهِ، وَ لاَ یَقْصُرُ عَنْهُمْ، خَالِدینَ فیهَا أَبَداً[33]. یَا كُمَیْلُ، سَخَطُ اللَّهِ تَعَالی مُحیطٌ بِمَنْ لَمْ یَحْتَرِزْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ وَ بِنَبِیِّهِ وَ جَمیعِ عَزَائِمِهِ جَلَّ وَ عَزَّ. یَا كُمَیْلُ، إِنَّهُمْ یَخْدَعُونَكَ بِأَنْفُسِهِمْ، فَإِذَا لَمْ تُجِبْهُمْ مَكَرُوا بِكَ وَ بِنَفْسِكَ بِتَحْبیبِهِمْ إِلَیْكَ [صفحه 585] شَهَوَاتِكَ، وَ إِعْطَائِكَ أَمَانِیَّكَ وَ إِرَادَتَكَ، وَ یُسَوِّلُونَ لَكَ، وَ یُنْسُونَكَ، وَ یَنْهَوْنَكَ وَ یَأْمُرُونَكَ، وَ یُحْسِنُونَ ظَنَّكَ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی تَرْجُوَهُ فَتَغْتَرُّ بِذَلِكَ فَتَعْصیهِ، وَ جَزَاءُ الْعَاصی لَظی. یَا كُمَیْلُ، احْفَظْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: الشَّیْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلی لَهُمْ[34]. وَ الْمُسَوِّلُ الشَّیْطَانُ، وَ الْمُمْلِی اللَّهُ تَعَالی. یَا كُمَیْلُ، اذْكُرْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالی لإِبْلیسَ لَعَنَهُ اللَّهُ: وَ اجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شَارِكْهُمْ فِی الأَمْوَالِ وَ الأَوْلاَدِ وَ عِدْهُمْ وَ مَا یَعِدُهُمُ الشَّیْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً[35]. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ إِبْلیسَ لاَ یَعِدُ عَنْ نَفْسِهِ، وَ إِنَّمَا یَعِدُهُمْ عَنْ رَبِّهِ، لِیَحْمِلَهُمْ عَلی مَعْصِیَتِهِ فَیُوَرِّطَهُمْ. یَا كُمَیْلُ، إِنَّهُ یَأْتیكَ بِلُطْفِ كَیْدِهِ، فَیَأْمُرُكَ بِمَا یَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَلِفْتَهُ مِنْ طَاعَةٍ لاَ تَدَعُهَا، فَتَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ مَلَكٌ كَریمٌ، وَ إِنَّمَا هُوَ شَیْطَانٌ رَجیمٌ، فَإِذَا سَكَنْتَ إِلَیْهِ وَ اطْمَأْنَنْتَ، حَمَلَكَ عَلَی الْعَظَائِمِ الْمُهْلِكَةِ الَّتی لاَ نَجَاةَ مَعَهَا. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ لَهُ فِخَاخاً یَنْصِبُهَا، فَاحْذَرْ أَنْ یُوقِعَكَ فیهَا. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ الأَرْضَ مَمْلُوءَةٌ مِنْ فِخَاخِهِمْ، فَلَنْ یَنْجُوَ مِنْهَا إِلاَّ مَنْ تَشَبَّثَ بِنَا، وَ قَدْ أَعْلَمَكَ اللَّهُ أَنَّهُ لَنْ یَنْجُوَ مِنْهَا إِلاَّ عِبَادُهُ، وَ عِبَادُهُ أَوْلِیَاؤُنَا. وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ عِبَادی لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطَانٌ[36]. وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَی الَّذینَ یَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذینَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ[37]. یَا كُمَیْلُ، إِنْجُ بِوِلاَیَتِنَا مِنْ أَنْ یَشْرَكَكَ الشَّیْطَانُ فی مَالِكَ وَ وَلَدِكَ. یَا كُمَیْلُ، لاَ تَغْتَرَّ بِأَقْوَامٍ یُصَلُّونَ فَیُطیلُونَ، وَ یَصُومُونَ فَیُدَاوِمُونَ، وَ یَتَصَدَّقُونَ فَیَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُوَفَّقُونَ[38]. [ فَ ] كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَیْسَ لَهُ مِنْ صِیَامِهِ إِلاَّ الْجُوعُ وَ الظَّمَأُ. [صفحه 586] وَ كَمْ مِنْ قَائِمٍ لَیْسَ لَهُ مِنْ قِیَامِهِ إِلاَّ السَّهَرُ وَ الْعَنَاءُ. حَبَّذَا صَوْمُ[39] الأَكْیَاسِ وَ إِفْطَارُهُمْ. وَ اللَّهِ لَنَوْمٌ عَلی یَقینٍ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ أَهْلِ الأَرْضِ مِنَ الْمُغْتَرّینَ. یَا كُمَیْلُ، أُقْسِمُ بِاللَّهِ، لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ یَقُولُ: إِنَّ الشَّیْطَانَ إِذَا حَمَلَ قَوْماً عَلَی الْفَوَاحِشِ مِثْلَ الزِّنَا وَ شُرْبِ الْخَمْرِ وَ الرِّبَا وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْخَنَا وَ الْمَآثِمِ، حَبَّتَ إِلَیْهِمُ الْعِبَادَةَ الشَّدیدَةَ، وَ الْخُشُوعَ، وَ الرُّكُوعَ، وَ الْخُضُوعَ، وَ السُّجُودَ، ثُمَّ حَمَلَهُمْ عَلی وِلاَیَةِ الأَئِمَّةِ الَّذینَ یَدْعُونَ إِلَی النَّارِ، وَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لاَ یُنْصَرُونَ[40]. یَا كُمَیْلُ، إِنَّهُ مُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ، فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُسْتَوْدَعینَ، وَ إِنَّمَا یَسْتَحِقُّ أَنْ یَكُونَ مُسْتَقَرّاً إِذَا لَزِمْتَ الْجَادَّةَ الْوَاضِحَةَ الَّتی لاَ تُخْرِجُكَ إِلی عِوَجٍ، وَ لاَ تُزیلُكَ عَنْ مَنْهَجٍ. یَا كُمَیْلُ، لاَ رُخْصَةَ فی فَرْضٍ، وَ لاَ شِدَّةَ فی نَافِلَةٍ. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لاَ یَسْأَلُكَ إِلاَّ عَمَّا فَرَضَ، وَ إِنَّمَا قَدَّمْنَا عَمَلَ النَّوَافِلِ بَیْنَ أَیْدینَا لِلأَهْوَالِ الْعِظَامِ، وَ الطَّامَّةِ یَوْمَ الْمُقَامِ. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ الْوَاجِبَ للَّهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُزیلَهُ الْفَرَائِضُ وَ النَّوَافِلُ وَ جَمیعُ الأَعْمَالِ وَ صَالِحُ الأَمْوَالِ، وَ لكِنْ مَنْ تَطَوَّعَ خَیْراً فَهُوَ خَیْرٌ لَهُ[41]. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ ذُنُوبَكَ أَكْثَرُ مِنْ حَسَنَاتِكَ، وَ غَفْلَتَكَ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِكَ، وَ نِعَمَ اللَّهِ عَلَیْكَ أَكْثَرُ مِنْ كُلِّ عَمَلِكَ. یَا كُمَیْلُ، إِنَّكَ لاَ تَخْلُو مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَكَ وَ عَافِیَتِهِ إِیَّاكَ، فَلاَ تَخْلُ مِنْ تَحْمیدِهِ وَ تَمْجیدِهِ، وَ تَسْبیحِهِ وَ تَقْدیسِهِ، وَ شُكْرِهِ وَ ذِكْرِهِ عَلی كُلِّ حَالٍ. یَا كُمَیْلُ، لاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذینَ قَالَ [عَنْهُمُ ] اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ[42]، وَ نَسَبَهُمْ إِلَی الْفِسْقِ فَقَالَ: أُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. یَا كُمَیْلُ، لَیْسَ الشَّأْنُ أَنْ تُصَلَّیَ وَ تَصُومَ وَ تَتَصَدَّقَ. وَ إِنَّمَا الشَّأْنُ أَنْ تَكُونَ الصَّلاَةُ بِقَلْبٍ نَقِیٍّ، [صفحه 587] وَ عَمَلٍ عِنْدَ اللَّهِ مَرْضِیٍّ، وَ خُشُوعٍ سَوِیٍّ، وَ إِبْقَاءٍ لِلْجِدِّ فیهَا. یَا كُمَیْلُ، عِنْدَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ مَا بَیْنَهُمَا تَبَتَّلُ الْعُرُوقُ وَ الْمَفَاصِلُ حَتَّی تَسْتَوْفِیَ وَلاَءً إِلی مَا تَأْتی بِهِ مِنْ جَمیعِ صَلَوَاتِكَ. یَا كُمَیْلُ، انْظُرْ فیمَ تُصَلّی، وَ عَلاَمَ تُصَلّی، إِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ وَجْهِهِ وَ حِلِّهِ فَلاَ قَبُولَ. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ اللِّسَانَ یَنْزَحُ مِنَ الْقَلْبِ، وَ الْقَلْبَ یَقُومُ بِالْغِذَاءِ، فَانْظُرْ فیمَا تُغَذّی قَلْبَكَ وَ جِسْمَكَ، فَإِنْ لَمْ یَكُنْ ذَلِك حَلاَلاً لَمْ یَقْبَلِ اللَّهُ تَعَالی تَسْبیحَكَ وَ لاَ شُكْرَكَ. یَا كُمَیْلُ، افْهَمْ وَ اعْلَمْ أَنّا لاَ نُرَخِّصُ فی تَرْكِ أَدَاءِ الأَمَانَاتِ لأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، فَمَنْ رَوی عَنّی فی ذَلِكَ رُخْصَةً فَقَدْ أَبْطَلَ وَ أَثِمَ، وَ جَزَاؤُهُ النَّارُ بِمَا كَذَبَ. أُقْسِمُ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ یَقُولُ لی قَبْلَ وَفَاتِهِ بِسَاعَةٍ مِرَاراً ثَلاَثَةً: یَا أَبَا الْحَسَنِ، أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَی الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ فیمَا جَلَّ وَ قَلَّ حَتَّی الْخَیْطَ وَ الْمِخْیَطَ. یَا كُمَیْلُ، لاَ غَزْوَ إِلاَّ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ، وَ لاَ نَفَلَ[43] إِلاَّ مِنْ إِمَامٍ فَاضِلٍ. یَا كُمَیْلُ، أَ رَأَیْتَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ لَمْ یُظْهِرْ نَبِیّاً وَ كَانَ فِی الأَرْضِ مُؤْمِنٌ تَقِیٌّ كَانَ فی دُعَائِهِ إِلَی اللَّهِ مُخْطِئاً أَوْ مُصیباً. بَلی، وَ اللَّهِ، مُخْطِئاً حَتَّی یَنْصِبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِذَلِكَ وَ یُؤَهِّلَهُ لَهُ. یَا كُمَیْلُ، الدّینُ للَّهِ. فَلاَ تَغْتَرَّنَّ بِأَقْوَالِ الأُمَّةِ الْمَخْدُوعَةِ، الْتی قَدْ ضَلَّتْ بَعْدَ مَا اهْتَدَتْ، وَ جَحَدَتْ بَعْدَ مَا قَبِلَتْ. یَا كُمَیْلُ، الدّینُ للَّهِ، فَلاَ یَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالی مِنْ أَحَدٍ الْقِیَامَ بِهِ إِلاَّ رَسُولاً أَوْ نَبِیّاً أَوْ وَصِیّاً. یَا كُمَیْلُ، هِیَ نُبُوَّةٌ وَ رِسَالَةٌ وَ إِمَامَةٌ، وَ لَیْسَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلاَّ مُوالینَ مُتَّبِعینَ، أَوْ عَامِهینَ مُبْتَدِعینَ. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ النَّصَاری لَمْ تُعَطِّلْ [ أَحْكَامَ ] اللَّهِ تَعَالی وَ لاَ الْیَهُودُ، وَ لاَ جَحَدَتْ مُوسی وَ لاَ عیسی، وَ لكِنَّهُمْ زَادُوا وَ نَقَصُوا، وَ حَرَّفُوا وَ أَلْحَدُوا، فَلُعِنُوا وَ مُقِتُوا وَ لَمْ یَتُوبُوا. یَا كُمَیْلُ، إِنَّمَا یَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقینَ[44]. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ أَبَانَا آدَمَ لَمْ یَلِدْ یَهُودِیّاً وَ لاَ نَصْرَانِیّاً، وَ لاَ كَانَ ابْنُهُ إِلاَّ حَنیفاً مُسْلِماً، فَلَمْ یَقُمْ بِالْوَاجِبِ عَلَیْهِ، فَأَدَّاهُ إِلی أَنْ لَمْ یَقْبَلِ اللَّهُ قُرْبَانَهُ، بَلْ قَبِلَ مِنْ أَخیهِ فَحَسَدَهُ فَقَتَلَهُ، وَ هُوَ مِنَ الْمَسْجُونینَ [صفحه 588] فِی الْفَلَقِ الَّذینَ عِدَّتُهُمُ اثْنَا عَشَرَ، سِتَّةٌ مِنَ الأَوَّلینَ، وَ سِتَّةٌ مِنَ الآخِرینَ. وَ الْفَلَقُ أَسْفَلُ مِنَ النَّارِ، وَ مِنْ بُخَارِهِ حَرُّ جَهَنَّمَ. وَ حَسْبُكَ فیمَا حَرُّ جَهَنَّمَ مِنْ بُخَارِهِ. یَا كُمَیْلُ، نَحْنُ، وَ اللَّهِ، الَّذینَ اتَّقَوْا وَ الَّذینَ هُمْ مُحْسِنُونَ[45]. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَریمٌ حَلیمٌ، عَظیمٌ رَحیمٌ، دَلَّنَا عَلی أَخْلاَقِهِ، وَ أَمَرَنَا بِالأَخْذِ بِهَا وَ حَمْلِ النَّاسِ عَلَیْهَا، فَقَدْ أَدَّیْنَاهَا غَیْرَ مُتَخَلِّفینَ، وَ أَرْسَلْنَاهَا غَیْرَ مُنَافِقینَ، وَ صَدَّقْنَاهَا غَیْرَ مُكَذِّبینَ، وَ قَبِلْنَاهَا غَیْرَ مُرْتَابینَ. لَمْ یَكُنْ لَنَا، وَ اللَّهِ، شَیَاطینُ نُوحی إِلیهَا وَ تُوحی إِلَیْنَا، كَمَا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْماً ذَكَرَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فی كِتَابِهِ، لَوْ قُرِئَ كَمَا أُنْزِلَ: شَیَاطینَ الْجِنِّ وَ الإِنْسِ یُوحی بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً[46]. یَا كُمَیْلُ، الْوَیْلُ لَهُمْ فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیّاً[47]. یَا كُمَیْلُ، لَسْتُ، وَ اللَّهِ، مُتَمَلِّقاً حَتَّی أُطَاعَ، وَ لاَ مُمِنّاً حَتَّی أُعْصی[48]، وَ لاَ مَائِلاً لِطُغَامِ الأَعْرَابِ حَتَّی أَنْتَحِلَ إِمْرَةَ الْمُؤْمِنینَ وَ أُدْعی بِهَا. یَا كُمَیْلُ، نَحْنُ الثِّقْلُ الأَصْغَرُ، وَ الْقُرْآنُ الثِّقْلُ الأَكْبَرُ، وَ قَدْ أَسْمَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ قَدْ جَمَعَهُمْ، فَنَادی فیهِمُ: الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ أَیَّاماً سَبْعَةً، فَلَمْ یَتَخَلَّفْ أَحَدٌ. فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنی عَلَیْهِ، وَ قَالَ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنّی مُؤَدٍّ عَنْ رَبّی عَزَّ وَ جَلَّ وَ لاَ مُخْبِرٌ عَنْ نَفْسی، فَمَنْ صَدَّقَنی فَلِلَّهِ صَدَّقَ، وَ مَنْ صَدَّقَ اللَّهَ أَثَابَهُ الْجِنَانَ، وَ مَنْ كَذَّبَنی فَقَدْ كَذَّبَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ مَنْ كَذَّبَ اللَّهَ أَعْقَبَهُ النّیرَانَ. ثُمَّ نَادَانی. فَصَعَدْتُ. فَأَقَامَنی دُونَهُ، وَ رَأْسی إِلی صَدْرِهِ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ عَنْ یَمینِهِ وَ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَعَاشِرَ الْمُسْلِمینَ، أَمَرَنی جِبْریلُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رَبّی وَ رَبِّكُمْ أَنْ أُعْلِمَكُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الثِّقْلُ الأَكْبَرُ، وَ أَنَّ وَصِیّی هذَا وَ ابْنَایَ وَ مَنْ خَلَفَهُمْ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ حَاملاً وَصَایَاهُمْ هُمُ الثِّقْلُ الأَصْغَرُ. یَشْهَدُ الثِّقْلُ الأَصْغَرُ لِلثِّقْلِ الأَكْبَرِ، وَ یَشْهَدُ الثِّقْلُ الأَكْبَرُ لِلثِّقْلِ الأَصْغَرِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُلاَزِمٌ [صفحه 589] لِصَاحِبِهِ غَیْرُ مُفَارِقٍ لَهُ حَتَّی یَرِدَا عَلَی اللَّهِ فَیَحْكُمَ بَیْنَهُمَا وَ بَیْنَ الْعِبَادِ. یَا كُمَیْلُ، فَإِذَا كُنَّا كَذَلِكَ فَعَلاَمَ تَقَدَّمَنَا مَنْ تَقَدَّمَ، وَ تَأَخَّرَ عَنَّا مَنْ تَأَخَّرَ؟. یَا كُمَیْلُ، قَدْ أَبْلَغَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَ نَصَحَ لَهُمْ، وَ لكِنْ لاَ یُحِبُّونَ النَّاصِحینَ. یَا كُمَیْلُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَوْلاً أَعْلَنَهُ، وَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الأَنْصَارُ مُتَوَافِرُونَ، یَوْماً بَعْدَ الْعَصْرِ، یَوْمَ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، قَائِماً عَلی قَدَمَیْهِ مِنْ فَوْقِ مِنْبَرِهِ: عَلِیٌّ مِنّی، وَ ابْنَایَ مِنْهُ، وَ الطَّیِّبُونَ مِنّی وَ مِنْهُمْ، وَ هُمُ الطَّیِّبُونَ بَعْدَ أُمِّهِمْ، وَ هُمْ سَفینَةُ نُوحٍ، مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَوی، النَّاجی فِی الْجَنَّةِ، وَ الْهَاوی فی لَظی. یَا كُمَیْلُ، إِنَّ الْفَضْلَ بِیَدِ اللَّهِ یُؤْتیهِ مَنْ یَشَاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظیمِ[49]. یَا كُمَیْلُ، عَلاَمَ یَحْسُدُونَنَا، وَ اللَّهُ شَاءَنَا قَبْلَ أَنْ یَعْرِفُونَا. أَتَرَاهُمْ بِحَسَدِهِمْ إِیَّانَا عَنْ رَبِّنَا یُزَیِّلُونَنَا؟. یَا كُمَیْلُ، إِنَّمَا حَظِیَ مَنْ حَظِیَ بِدُنیَا زَائِلَةٍ مُدْبِرَةٍ، فَافْهَمْ تَحْظَ بِآخِرَةٍ بَاقِیَةٍ ثَابِتَةٍ. یَا كُمَیْلُ، كُلٌّ یَصیرُ إِلَی الآخِرَةِ، وَ الَّذی نَرْغَبُ فیهِ مِنْهَا رِضَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الدَّرَجَاتِ الْعُلی مِنَ الْجَنَّةِ الَّتی لاَ یُورِثُهَا إِلاَّ مَنْ كَانَ تَقِیّاً. یَا كُمَیْلُ، مَنْ لاَ یَسْكُنُ الْجَنَّةَ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلیمٍ، وَ خِزْیٍ مُقیمٍ، وَ مَقَاطِعَ وَ أَكْبَالٍ، وَ سَلاَسِلَ طِوَالٍ، وَ مُقَطِّعَاتِ النّیرَانِ، وَ مُقَارَنَةِ الشَّیْطَانِ. اَلشَّرَابُ صَدیدٌ، وَ اللِّبَاسُ حَدیدٌ، وَ الْخَزَنَةُ فَظَظَةٌ، وَ النَّارُ مُلْتَهِبَةٌ، وَ الأَبْوَابُ مُوثَقَةٌ مُطْبَقَةٌ. یُنَادُونَ فَلاَ یُجَابُونَ، وَ یَسْتَغیثِونَ فَلاَ یُرْحَمُونَ، نِدَاؤُهُمْ: یَا مَالِكُ لِیَقْضِ عَلَیْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ[50]. یَا كُمَیْلُ، نَحْنُ، وَ اللَّهِ، الْحَقُّ الَّذی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّموَاتُ وَ الأَرْضُ وَ مَنْ فیهِنَّ[51]. یَا كُمَیْلُ، ثُمَّ یُنَادُونَ اللَّهَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ بَعْدَ أَنْ یَمْكُثُوا أَحْقَاباً: اجْعَلْنَا عَلَی الرِّضَا، فَیُجیبَهُمُ: اخْسَؤُوا فیهَا وَ لاَ تُكَلِّمُونِ[52]. [صفحه 590] فَعِنْدَهَا یَئِسُوا مِنَ الْكَرَّةِ، وَ اشْتَدَّتِ الْحَسْرَةُ، وَ أَیْقَنُوا بِالْمَكْثِ وَ الْهَلَكَةِ، جَزَاءً بِمَا كَسَبُوا[53]. یَا كُمَیْلُ، مُرْ أَهْلَكَ أَنْ یَرُوحُوا فی كَسْبِ الْمَكَارِمِ، وَ یُسَارِعُوا إِلی تَحَمُّلِ الْمَغَانِمِ[54]، وَ یُدْلِجُوا فی حَاجَةِ مَنْ هُوَ نَائِمٌ، فَوَ الَّذی وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ مَا مِنْ أَحَدٍ أَوْدَعَ قَلْباً سُرُوراً إِلاَّ وَ خَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی[55] لَهُ مِنْ ذَلِكَ السُّرُورِ لُطْفاً، فَإِذَا نَزَلَتْ بِهِ نَائِبَةٌ جَری إِلَیْهَا كَالْمَاءِ فِی انْحِدَارِهِ حَتَّی یَطْرُدَهَا عَنْهُ كَمَا تُطْرَدُ غَریبَةُ الإبِلِ. یَا كُمَیْلُ، أَنَا أَحَمَدُ اللَّهَ عَلی تَوْفیقِهِ إِیَّایَ وَ الْمُؤْمِنینَ، وَ عَلی كُلِّ حَالٍ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لی وَ لَكَ[56]. إِنْصَرِفْ، یَا كُمَیْلُ، إِذَا شِئْتَ.
قال كُمیل بن زیاد النخعی: أخذ بیدی أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام، فأخرجنی إلی ناحیة الجبّان لا یكلّمنی بكلمة، فلما أصحر تنفّس الصعداء، ثم قال:
صفحه 579، 580، 581، 582، 583، 584، 585، 586، 587، 588، 589، 590.
و كنز العمال ج 10 ص 263. باختلاف بین المصادر. و نسخة الصالح ص 497. و نسخة عبده ص 693. و نسخة الصالح ص 497. باختلاف بین المصادر.